بإتمام حفر قناة السويس 18 مارس 1869 ازدادت المكانة الجيوستراتيجية لمصر كمعبر للانتقال بين الشرق والغرب، وفي نفس الوقت كانت الدولة العثمانية في أفول، ففرضت بريطانيا العظمى عام 1882 سيطرتها عليها عسكريا و سياسيا و إن ظلت تابعة للإمبراطورية العثمانية اسما حتى عشية الحرب العالمية الأولى سنة 1914.
منذ سنة 1922 كانت مصر مستقلة عن بريطانيا
اسميًا مع احتفاظ البريطانيين بقواعد عسكرية على أرضها و تدخلهم في شؤون
الإدارة و السياسة الداخلية بالضغط على الملك، لكن ازدياد الشعور الوطني
أدى إلى أن و ضع المصريون دستورا سنة 1923 بقيادة سعد زغلول
تلته محاولة ناجحة قصيرة الأمد بين عامي 1924 و 1936 في صوغ حياة سياسية
تعددية و ليبرالية، إلا أن عودة البريطانيين لإحكام قبضتهم على شؤون
البلاد قوض تلك التجربة و أدى إلى عدم استقرار الأحوال حتى عام 1952 عندما
انقلب ضباط من الجيش على الملك فاروق الأول ثم تطورت الأحداث إلى أن انقلبوا عليه و أجبروه على التنازل لابنه الرضيع أحمد فؤاد الثاني، حتى أعلنت الجمهورية يوم 18 يونيو 1953 برئاسة اللواء محمد نجيب.
وضع محمد نجيب عام 1954 قيد الإقامة الجبرية ، على يد رفاقه في مجلس قيادة الثورة برئاسة البكباشي جمال عبد الناصر المهندس الحقيقي لحركة الضباط، و الذي أدى تأميمه لقناة السويس سنة 1956 إلى حرب السويس التي تحالفت فيها إسرائيل بريطانيا و فرنسا فيما عرف بالعدوان الثلاثي في محاولته الأخيرتين لاستعادة السيطرة على قناة السويس، تلك الحرب التي خرج منها عبد الناصر و قد ازدادت شعبيته في مصر و العالم العربي و الإسلامي، و كذلك في أفريقيا و كثير من بلاد العالم الثالث باعتباره داعية للتحرر و مقاوم للاستعمار. كذلك بينت هذه الحرب الخطر الذي يشكله و جود إسرائيل على مصالح الشعوب العربية، بعد أن كانت الجيوش العربية و منها الجيش المصري
الملكي قد فشل في القضاء عليها عام 1948 بسبب ضعف الأنظمة العربية و
استمرار سيطرة المستعمر الأوربي على كثير من شؤونها آنذاك و كذلك عدم
الاستعداد الكافي.
دخلت مصر في وحدة مع سورية عام 1958 عرف باسم الجمهورية العربية المتحدة كان يفترض أن يكون نواة لانضمام باقي البلدان العربية حسب الرؤية العروبية لجمال عبد الناصر التي وجدت أصداء لها بين شعوب العالم العربي، إلا أن هذه الوحدة زالت سريعا عام 1961 إثر انقلاب في دمشق .
اجتاحت إسرائيل الضفة الغربية و غزة و الجولان و سيناء فيما عرف عربيا باسم نكسة 67، و توفي عبد الناصر بعدها بثلاث سنوات، ليخلفه نائبه أنور السادات، أحد الضباط الذين عرفوا بالضباط الأحرار وعضو مجلس قيادة الثورة التي أسقطت الملكية. قدم السادات نفسه في ما يعرف بثورة التصحيح التي مكنته من فرض سيطرته على شؤون البلاد و التخلص من خصومه السياسيين، تمكن عام 1973 من شن حرب مفاجئة على إسرائيل فيما عرف بحرب أكتوبر و بعد أن نقل توجه مصر في الحرب الباردة من جبهة الاتحاد السوفيتي إلى جبهة الولايات المتحدة.
انتهت الحرب بتوقيع اتفاقية سلام بين مصر و إسرائيل استردت بموجبها مصر
باقي أراضيها في سيناء، و هو ما أدى إلى غضب عربي و طرد مصر من جامعة الدول العربية حتى 1989.
واكب الفترة التي تلت معاهدة السلام مع إسرائيل تقليص للتوجه الاشتراكي للدولة الذي كان قد تأسس بعد انتهاء الملكية، فيما عرف بسياسة الانفتاح،
و كذلك محاولة لإعادة الحياة النيابية التعددية و الممارسة الديموقراطية
إلى السياسة و التي كانت قد علقت منذ بداية نظام الضباط، إلا أن تلك
المحاولة جاءت مبتسرة و هيأت لأن يسيطر فعليا حزب واحد يتماهى مع الدولة
هو الحزب الوطني الديموقراطي، و إن كانت الدولة تعددية شكلا.
بينما كان يستعرض المواكب العسكرية في يوم الاحتفال بنصر أكتوبر، اغتيل
السادات على يد تنظيم إسلامي متطرف عرف بالجماعة الإسلامية نفذه جنود
بقيادة الضابط خالد الإسلامبولي سنة 1981 ليخلفه محمد حسني مبارك، الرئيس الحالي للجمهورية.